قصه وعبره
يحكي أن رجلا ﺃﻋﺮﺍﺑﻴﺎ
ﻛﺎﻥ ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﻭﺳﻂ ﺍﻟﺼﺤﺮﺍﺀ ﻓﻲ ﺧﻴﻤﺔ ﻭﻛﺎﻥ ﻓﻘﻴﺮﺍ ﺟﺪﺍ
ﺣﺘﻰ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻻ ﻳﻜﺎﺩ ﻳﺠﺪ ﻟﻘﻤﺔ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﻫﻮ ﻭﺯﻭﺟﺘﻪ ﻭﺃﻭﻻﺩﻩ . ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﺭﺍﺿﻴﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻻ ﻳﺸﺘﻜﻲ ﺃﺑﺪﺍ .
ﻭﻓﻲ ﻟﻴﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻴﺎﻟﻲ ﺃﺷﻌﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻋﺮﺍﺑﻲ ﻧﺎﺭﺍ ﻟﻴﺘﺪﻓﺄ ﻫﻮ ﻭﺯﻭﺟﺘﻪ ﻭﺃﻭﻻﺩﻩ،
ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻴﻠﺔ ﺷﺪﻳﺪﺓ ﺍﻟﺒﺮﻭﺩﺓ ... ﻭﻓﺠﺄﺓ ﺳﻤﻊ ﺍﻷﻋﺮﺍﺑﻲ ﺻﻮﺕ ﺧﻴﻮﻝ ﺗﻘﺘﺮﺏ .
ﻓﺮﺃﻯ ﺭﺟﻠﻴﻦ ﻓﺮﺣﺐ ﺑﻬﻤﺎ ﻭﻗﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻮﺭ ﺇﻟﻰ ﺯﻭﺟﺘﻪ ﻭﻃﻠﺐ ﻣﻨﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﻌﺪ ﻟﻬﻤﺎ ﻃﻌﺎﻣﺎ .
ﺳﻤﻊ ﺍﻟﺮﺟﻼﻥ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﺬﻱ ﺩﺍﺭ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﻋﺮﺍﺑﻲ ﻭﺯﻭﺟﺘﻪ ، ﻓﻌﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ
ﺍﻷﻋﺮﺍﺑﻲ ﻻ ﻳﻤﺘﻠﻚ ﺇﻻ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﺎﺓ ﻓﺤﺎﻭﻻ ﺃﻥ ﻳﻤﻨﻌﺎﻩ ﻣﻦ ﺫﺑﺢ ﺍﻟﺸﺎﺓ ؛
ﻟﻜﻦ ﺍﻷﻋﺮﺍﺑﻲ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺭﻓﺾ ﺫﻟﻚ ﻭﺃﺻﺮ ﻋﻠﻰ ﺇﻛﺮﺍﻡ ﺍﻟﻀﻴﻔﻴﻦ .
ﻭﺑﺴﺮﻋﺔ ﺷﺪﻳﺪﺓ ﻗﺎﻣﺖ ﺍﻟﺰﻭﺟﺔ ﻭﺫﺑﺤﺖ ﺍﻟﺸﺎﺓ ﻭﺃﻋﺪﺕ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻟﻬﻤﺎ ﻓﺄﻛﻼ
ﻋﻠﻰ ﻛﺮﻡ ﺍﻟﻀﻴﺎﻓﺔ ﻭﻋﻠﻰ ﺣﺴﻦ ﺍﺳﺘﻘﺒﺎﻟﻪ ﻟﻬﻤﺎ .
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ﺍﻟﺒﺎﻛﺮ ﺍﻧﺼﺮﻑ ﺍﻟﺮﺟﻼﻥ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻃﻠﺒﺎ ﻣﻦ ﺍﻷﻋﺮﺍﺑﻲ
ﺯﻳﺎﺭﺗﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻓﻲ ﺃﻗﺮﺏ ﻭﻗﺖ .
ﻭﻟﻢ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻷﻋﺮﺍﺑﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﺟﻠﻴﻦ ﻫﻤﺎ : ﺣﺎﻛﻢ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻭﻭﺯﻳﺮﻩ ﺍﻟﻤﺨﻠﺺ .
ﻭﺑﻌﺪ ﻋﺪﺓ ﺃﻳﺎﻡ ﺫﻫﺐ ﺍﻷﻋﺮﺍﺑﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻭﻇﻞ ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻨﻬﻤﺎ
(ﺟﻞ ﻭﻋﻼ ) ﻓﻌﺎﺩ ﺍﻷﻋﺮﺍﺑﻲ ﺇﻟﻰ ﺧﻴﻤﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺤﺮﺍﺀ ﻭﺃﺧﺒﺮ ﺯﻭﺟﺘﻪ
ﺑﻤﺎ ﺣﺪﺙ ﻓﻔﺮﺣﺖ ﺑﺰﻭﺟﻬﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻣﺘﻸ ﻗﻠﺒﻪ ﺑﺎﻟﻴﻘﻴﻦ ﻭﺍﻟﺜﻘﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻪ .
ﻭﻓﻲ ﻟﻴﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻴﺎﻟﻲ ﻫﺒﺖ ﺭﻳﺢ ﺷﺪﻳﺪﺓ ﻓﺤﻄﻤﺖ ﺍﻟﺨﻴﻤﺔ ﻓﻘﺎﻡ ﺍﻷﻋﺮﺍﺑﻲ ﻫﻮ ﻭﺯﻭﺟﺘﻪ ﻭﺃﻭﻻﺩﻩ ﺑﺎﻟﺮﺣﻴﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ﺍﻟﺒﺎﻛﺮ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺎﻥ ﺁﺧﺮ .
ﻓﻔﺘﺤﻪ ﻓﻮﺟﺪﻩ ﻗﺪ ﺍﻣﺘﻸ ﺑﺎﻟﺬﻫﺐ ﻭﺍﻟﻔﻀﺔ ﻓﻔﺮﺡ ﻓﺮﺣﺎ ﺷﺪﻳﺪﺍ ﻫﻮ ﻭﺯﻭﺟﺘﻪ ﻭﺃﻭﻻﺩﻩ ... ﻭﻗﺮﺭ ﺃﻥ ﻳﺒﻴﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻨﺰ ﻭﺃﻥ ﻳﺒﻨﻲ ﻗﺼﺮﺍ ﻛﺒﻴﺮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ .
ﻭﺑﻨﻰ ﺍﻷﻋﺮﺍﺑﻲ ﻗﺼﺮﺍ ﻟﺰﻭﺟﺘﻪ ﺍﻟﺼﺎﺑﺮﺓ ﻭﻷﻭﻻﺩﻩ ... ﻭﺳﻤﻊ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ ﺑﺒﻨﺎﺀ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺼﺮ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﻓﺄﺭﺳﻞ ﺃﺣﺪ ﺟﻨﻮﺩﻩ ﻟﻴﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﺻﺎﺣﺐ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺼﺮ ﻓﺬﻫﺐ ﻭﻋﺎﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ ﻟﻴﺨﺒﺮﻩ ﺃﻥ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻘﺼﺮ ﺭﺟﻞ ﺃﻋﺮﺍﺑﻲ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﺧﻴﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺤﺮﺍﺀ
ﻓﺬﻫﺐ ﺣﺎﻛﻢ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻭﻭﺯﻳﺮﻩ ﻟﺮﺅﻳﺔ ﺍﻟﻘﺼﺮ ﻓﻠﻤﺎ ﺭﺁﻫﻤﺎ ﺍﻷﻋﺮﺍﺑﻲ
ﻋﺮﻓﻬﻤﺎ ﻭﻋﺮﻑ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ ﻭﺃﻥ ﺍﻵﺧﺮ ﻫﻮ ﻭﺯﻳﺮﻩ ﺍﻟﻤﺨﻠﺺ
ﻓﻔﺮﺡ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ .
ﺳﺄﻟﻪ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ : ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻟﻢ ﺗﺄﺕ ﺇﻟﻴﻨﺎ ؟
ﻗﺎﻝ ﺍﻷﻋﺮﺍﺑﻲ : ﻟﻘﺪ ﺟﺌﺖ ﺇﻟﻴﻚ ﻭﻟﻢ ﺃﻋﺮﻑ ﺃﻧﻚ ﺣﺎﻛﻢ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻭﻟﻜﻦ
ﻋﻠﻤﺖ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﺘﻮﻛﻞ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻠﻤﺎ ﺗﻮﻛﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺭﺯﻗﻨﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﺍﻟﻮﺍﺳﻊ .
ﻣﻦ ﺃﺻﺪﻗﺎﺋﻪ ﺍﻟﻤﻘﺮﺑﻴﻦ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ : ﻟﻘﺪ ﺗﻌﻠﻤﺖ ﻣﻨﻚ ﺩﺭﺳﺎ
ﻻ ﺃﻧﺴﺎﻩ ﺃﺑﺪﺍ .
ﻭﻧﺤﻦ ﺃﻳﻀﺎ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻧﺘﻌﻠﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﻟﺠﻤﻴﻞ ﻭﻧﺘﻮﻛﻞ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ .